هل أصبحنا نحب الرئيس فعلاً؟
أردت التوقف عند هذا الحضور السوري اللافت، المليء بالحفاوة والترحيب. هل أصبح السوريون يحبون الرئيس فعلاً وبإرادتهم الحرة؟

جميل الشبيب – العربي القديم
شهدت العاصمة الفرنسية باريس مؤخرًا مشهدًا لافتًا تمثل في تهافت السوريين لاستقبال رئيسهم، أحمد الشرع، خلال زيارته الرسمية إلى قصر الإليزيه بدعوة من الرئيس الفرنسي. مشهد لم يكن عابرًا، بل أثار في داخلي جملة من التساؤلات حول طبيعة العلاقة الجديدة بين السوريين ورئيسهم، خاصة في ظل التغيرات الدراماتيكية التي عاشتها البلاد خلال السنوات الماضية.
لم يكن هدفي من هذا المقال تناول تفاصيل الزيارة، بقدر ما أردت التوقف عند هذا الحضور السوري اللافت، المليء بالحفاوة والترحيب. هل أصبح السوريون يحبون الرئيس فعلاً وبإرادتهم الحرة؟
وإذا وضعنا جانبًا الأسباب التي تدفع السوريين داخل سوريا لتأييد الشرع، فما الذي فعله هذا الرئيس للسوريين في المهجر، تحديدًا في فرنسا، حتى يخرجوا لاستقباله بهذا الشكل الحار؟
من الواضح أن فرحة التحرير التي عاشها السوريون بعد مخاض عسير من الحرب والمعاناة، وكان الشرع قائدًا لها، لعبت دورًا كبيرًا في إعادة تشكيل العلاقة بين الشعب والرئيس. لكنها ليست السبب الوحيد. فهناك شعور متزايد لدى السوريين، في الداخل والخارج، بوجود خطر حقيقي يهدد ثورتهم ومستقبل بلادهم.
هذا الخطر لا يأتي فقط من بقايا النظام السابق، بل أيضًا من بعض الجماعات الطائفية والأقليات التي تحاول استغلال كل حدث على الأرض السورية لضرب الإدارة الجديدة، والتشكيك بقدرتها على قيادة البلاد. أضف إلى ذلك بعض الأحداث المفتعلة في اللاذقية وريف دمشق، والتي يبدو أنها كانت تهدف إلى تشويه صورة الحكومة الجديدة أمام الرأي العام الدولي، وإثارة الريبة لدى الدول الغربية والعربية التي تعمل على إعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي.
إلى جانب ذلك، هناك حملات منظمة يقودها عدد من الشخصيات السورية التي لا يروق لها المسار الجديد، وتسعى بكل الطرق إلى تشويه صورة الرئيس الشرع، وتحريض قطاع واسع من السوريين عليه. هؤلاء لا يريدون لسوريا أن تستقر، بل يسعون لإعادة إنتاج نظام طائفي يخدم مصالح فئوية، لا مصلحة الوطن.
وما يجدر التوقف عنده، أن هذه الحملات التي هدفت إلى تشويه الإدارة الجديدة، قد أدت في المقابل إلى دفع شريحة واسعة من السوريين لتجاوز الهواجس والمخاوف التي انتابتهم في بدايات التحرير. بل ودفعت بعض المعارضين للحكم الجديد، ممن يعارضونه فقط لكونه يحمل طابعًا إسلاميًا، إلى مراجعة مواقفهم، بعدما أدركوا أن معارضتهم بهذا الشكل قد تضعهم في نفس الصف مع الطائفيين وبقايا النظام البائد.
لهذا كله، قد يكون الترحيب الكبير بالرئيس أحمد الشرع في باريس أكد أن كثيرًا من السوريين باتوا يرون في هذه القيادة أملًا، وفي هذه المرحلة فرصة لإنقاذ ما تبقى من الحلم السوري.