دلالات وقضايا | نتنياهو وترامب الحكيم
سيقطف ثمار زيارة ترامب القادمة كبار الفكر والسِّياسة من حكماء المنطقة، وستنتهي أحلام الصِّغار

د. مهنا بلال الرشيد – العربي القديم
يشبه عنوان هذا المقال عناوين بعض القصص من كتاب كليلة ودِمنة لفيلسوف الهند بيدبا، وقد نقله الفُرس إلى البهلويَّة أو الفارسيَّة القديمة، ثمَّ ترجمه عبد الله بن المقفَّع عن الفارسيَّة إلى العربيَّة، أو لنقل: يحاول عنوان هذا المقال محاكاة ابن المقفَّع وأسلوبه في تقديم بعض النَّقد بقالب الوعظ أو النَّقد السِّياسيِّ أو الاجتماعيِّ، إن كان هذا النَّقد ممكنًا، وإن كنَّا نملك بعض مقوِّماته أيضًا. والحقُّ أنَّ الانفصال الكبير بين مشاغل المجتمع (وترينداته) من جانب ومستقبل الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة من جانب آخر هو أبرز ما يدفعنا إلى مثل هذه العنونة؛ وهناك مجموعة من الدُّول المؤثِّرة في الشَّرق الأوسط تنتظر زيارة ترامب إلى المملكة العربيَّة السُّعوديَّة بالإضافة إلى الدُّول الأخرى المعنيَّة مباشرة بهذه الزِّيارة، وتأتي الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة في مقدِّمتها مع كلٍّ من الأردن والإمارات العربيَّة المتَّحدة وقطر ولبنان وفلسطين والعراق وغيرها.
عين على المجتمع قبل الزَّيارة: من زواج أحمد وميرا إلى حردة طلَّاب السُّويداء
صنع بعض السُّوريِّين من أصحاب الصَّفحات على مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ (وَسْمَين) أو (تريندين) يلخِّصان سياسة (العصا والجزرة) ومثلًأ يقول: (الطَّبل بدوما والعرس بحرستا)، وكما تُوهم الجزرة في طرف العصا الحصَان، وتدفعه للعدو وهو يطاردها دون جدوى طارد بعض السُّوريِّين الوَسمين أو التِّريندي حول (#زواج_ميرا_وأحمد) و(#حردة_طلاب_السويداء)، وصنعا من هذين الموضوعين ما يشبه قضيَّة الرَّأي العامِّ، فانطبق علينا المثل القائل: (الطَّبل في دوما والعرس في حرستا) للدَّلالة على انفصالنا أو انفصال بعضنا عن الواقع، فترامب قادم ليناقش مستقبل الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة ومنطقة الشَّرق الأوسط كلِّها، ونحن نتحدَّث عن زواج ميرا وأحمد، والواجب ألَّأ تأخذ قصَّة هذا الزواج المدنيِّ أكثر من حجمها، والمجتمع مليء بقصص الزَّواج المدنيِّ الأخرى العابرة للأديان والطَّوائف والمذاهب والقوميَّات، وأصحابها كانوا محظوظين لأنَّ صبيان مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ المأجورين وكيوتاته من صُنَّاع التَّفاهة لم يعلموا عن تلك القصص في وقتها، وربَّما نجا أهلها من تفاهات بعض أصحاب مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ؛ لأنَّ تلك المواقع لم تكن موجودة، أو لأنَّ التَّافهين أو المرتزقة المأجورين منهم لم يعلموا شيئًا عنها، أو لأنَّهم لم يُوجَّهوا نحو تضخيم تلك القصص الكثيرة في وقتها على نحو ما فعلوه مع قصَّة (ميرا وأحمد)؛ فصرنا كلّ دقيقة نتابع: ميرا ضحكت، ميرا بكت، ميرا ابتسمت، ميرا لبست الحجاب، ميرا كانت مزعوجة …بالإضافة إلى تحليلات خُردنعيَّة حول لغة الجسد ودلالات اللِّباس وشكله ولونه وأشياء أخرى. وكلُّ هذا في تقديري يشغل أبناء المجتمع بالقشور التَّافهة بدل التَّفكير بمستقبل البلد أو الشُّروع بإعماره أو شروع كلِّ فرد بإعمار بيته أو مساعدة جاره أو سكَّان حيِّه في مدينته، وذكَّرني اهتمام إعلاميِّي بهذه عزمي بشارة بهذه القضيَّة بخبر عاجل أذاعوه قبل شهرين تقريبًا على تلفزيون سوريا وتلفزيون العربيِّ المملوكين لعزمي بشارة؛ قالوا فيه: (عاجل: عزمي بشارة يقول في مقابلة متلفزة: ظهر لدينا أمل كبير في سوريا بعد نجاح الثَّورة).
وبدا هذا النَّهج الإعلاميُّ ذاته حين راح جنوده يغطُّون كلًّا من ظهور الأمل عند عزمي بشارة وضحكة ميرنا أو تغيِّر ملامحها بالإضافة إلى تريند حردة طُلَّاب السُّويداء؛ فصرنا نقرأ أخبارًا مثل: تجمَّع طلَّاب السُّويداء في المدينة الجامعيَّة، ركبوا الباص، توجَّه الباص، توقَّف الباص، فاتتهم محاضرة، سوف تعوَّض المحاضرة….وخلال متابعة مثل هذه الأخبار قال لي صديق قديم: رحم الله الأيَّأم الَّتي كنَّا نشتري فيها الكراريس والمحاضرات المتراكمة بسبب عملنا أثناء الدِّراسة لتأمين مصاريفنا…ألا تذكر صديقنا فلان؟ كان من الأوائل على الدَّفعة وكان لا يحضر إلَّا بعض حلقات البحث أو محاضرات القسم العمليِّ الإجباريَّة بسبب عمله لتأمين مصروفه؟ ألا تذكر صديقنا فلان كان من الطُّلَّاب الأوائل في كلِّيَّة الطِّبِّ البشريِّ مع أنَّه يمضي كثيرًا من وقته في لعب الورق؛ فقاطعته قائلًا: إيَّاك أن تنشر مثل هذه الأفكار! لو نشرتها ربَّما تصبح عدوَّ الإنسانيَّة ورمزًا من رموز التَّحريض الطَّائفيِّ! اركب الموجة! وقل: يجب تعويض طلَّاب السُّويداء ما فاتهم من محاضرات! يجب التَّطوُّع لتدريسهم! هؤلاء أمل المستقبل! يجب تبديد مخاوفهم! من حقِّهم أن يدرسوا في بيئة آمنة……
بيئة دراسيَّة آمنة…بيئة زواج مدنيٍّ آمن
حقًّا يحتاج طلَّابنا من السُّويداء وعفرين والقامشلي وطرطوس وإدلب ودمشق وغيرها من المناطق والمدن والمحافظات إلى الدِّراسة في بيئة آمنة؛ لكنَّ كلاب المجرم المخلوع بشَّار الأسد دمَّروا هذه البيئة الآمنة سابقًا، ولم يتحدَّث كيوتات مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ شيئًا عن معاناتهم، فقد اُعتقل الطُّلَّاب داخل الحرم الجامعيِّ، واعتقل عساكر المرتزقة حافلة من #طلَّاب_معصران و #طلاب_تلدبس الجامعيِّين في بداية الثَّورة، وهم في طريقهم إلى جامعة اللَّاذقيَّة (تشرين سابقًا)، وما يزال مصيرهم مجهولًا، وما يزال مصير مئات الطَّلَّاب المعتقلين من أمثالهم مجهولًا بالإضافة إلى آلاف الطُّلَّاب الجامعيِّين الَّذين تأكَّدت تصفيتهم في الفروع الأمنيَّة، نعم! دمَّر مرتزقة المجرم المخلوع بشَّار الأسد بيئة التَّعليم الآمنة، وما زالت مجموعة أو مجموعات بشريَّة تسير على النَّهج ذاته؛ فصاحب صفحة مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ (الكيوت جدًّا) يسيء لبيئة التَّعليم الآمنة حين ينشر: صعد طلَّاب السُّويداء، نزل طلَّاب السُّويداء….؛ ورئيس الجامعة مع مدير المدينة الجامعيَّة ووزير التَّعليم العاليِّ مسؤولون لو تقاعسوا في حماية أي طالب من طلَّاب الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة، والطُّلَّاب ذاتهم مسؤولون أيضًا: لو سمحوا لهذا الشَّيخ أو ذاك النَّاشط الكيوت على مواقع التَّواصل الاجتماعيّ أن يأكل في عقلهم حلاوة…وعلى الغالب جميع طلَّاب الجامعات وفي دول العالم كلِّها معتادون على الحضور والغياب وتعويض بعض الدُّروس بمراجعتها أو قراءتها أو دراستها في بثٍّ مباشر أو مسجَّل بطريقة الدِّراسة نفسها، الَّتي اعتادوا عليها في ظلِّ كورونا أيضًا، لا سيَّما طلَّاب الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة الَّذين درسوا خلال أربع عشرة سنة من سني الثَّورة في ظلِّ مخاطر انعدام الأمان وانقطاع الماء والكهرباء، ولو نظرت إلى طلَّاب المدينة الجامعيَّة ليلة الامتحان في جامعة حلب لحسبتهم أو حسبت بعضهم عمَّال مناجم بسبب الأضواء المربوطة على رؤوسهم، وهم يراجعون الكتب، ويقرؤون الكرَّاسات.
يتحمَّل صُنَّاع التَّفاهة ومموِّلهم على مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ كثيرًا من مسؤوليَّات الشَّحن الطَّائفيِّ، الَّذي يمارسونه عن قصد أو دون قصد، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بالتَّحريض على مستقبل الطُّلَّاب أو التَّعاطف الزَّائد مع الشَّفقة المصطنعة عليهم، وكأنَّنا أمام خراب الأندرين، وكأنَّنا لم نخرج من ثورة امتدَّت أربعة عشر عامًا، ولكن يبدو أنَّ هناك مآرب أخرى لمموِّل تلك الجوقة، يحاولون تحقيقها أو تحقيق بعضها من خلال الضَّخِّ الإعلاميِّ في تريند (ميرا وأحمد) و(طلَّاب السُّويداء). والحقَّ أنَّ أهالي الطُّلَّاب يتحمَّلون المسؤوليَّة الأكبر لو عملوا على تثقيف أبنائهم وبناتهم على الانعزاليَّة أو الانطوائيَّة أو التَّخويف من الشُّركاء في الوطن بطريقة التُّقية ذاتها، في الوقت الَّذي يجب عليهم تربية أبنائهم على أنَّهم شركاء في الوطن بدلًا من تركيزهم على خصوصيَّة أبنائهم الدِّينيَّة أو الثَّقافيَّة أو القوميَّة أو المذهبيَّة بطريقة يبدو فيهم الطُّلَّاب أصحاب الخصوصيَّة كأنَّهم مستهدفون من بحر من الطَّلَّاب الآخرين؛ وهم ههنا الطُّلَّاب السُّنَّة أو الطُّلَّاب العرب السُّنَّة، وفي الحقيقة أنَّ الغالبيَّة العظمى من الطُّلَّاب الجامعيِّين العرب السُّنَّة يفرحون بزملائهم الجامعيِّين من الطُّلَّاب الكرد والطُّلَّاب المسيحيِّين والعلويِّين والشِّيعة والإسماعيليِّين والدُّروز، ومن الرَّاجح جدًّا أن تكون الجامعة مسرحًأ لكثير من قصص الحبِّ العابرة للقوميَّات والأديان والطَّوائف والمذاهب، ومن الرَّاجح أن تننجح قصص الحبِّ هذه، وتتكلَّل بالزَّواج المدنيِّ لو أبعدنا أصحاب الشَّحن الطَّائفيِّ أو الدِّينيِّ المذهبيِّ من زعماء الطَّوائف وزعماء القوميَّات الَّذين يفضِّلون تقوقع أتباعهم القوميِّين أو الدِّينيِّين لضمان رئاستهم القوميَّة أو زعامتهم الدِّينيَّة لهم، ولتوريث أبنائهم من بعدهم تلك الزَّعامات، وستكون النَّتائج أفضل أيضًأ لو أبعدنا شحن (كيوتات) مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ من التَّافهين المدعومين من إمبراطوريَّات التَّفاهة الإعلاميَّة.
وممَّا يحزُّ في النَّفس أنَّ كيوتات مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ يمثِّلون نموذجًا صارخًا عن أكثر طبقات المجتمع تقلُّبًا وتحوُّلًا؛ إذا استطعنا أن نعدَّ الكيوتات طبقة؛ وغالبًا ما تتقلَّب مواقفهم بحسب توجيهات مموِّلهم صانع التَّفاهة؛ فقديدعو السُّنِّيُّ منهم إلى سُنِّيَّة سياسيَّة حينًا، ثمَّ يدعو إلى تشريع الزَّواج المدنيِّ العابر للأديان والطَّ,ائف والمذاهب، ذاك الَّذي يتعارض تمامًا مع تطييف المجتمع بالسُّنِّيَّة السِّياسيَّ’ أو الدُّرزيَّة السِّياسيَّة أو تقسيمه إلى طوائف،، ثمَّ يدعو الكيوت ذاته إلى تبديد خوف طلَّاب السُّويداء بما يعزِّز تطييف المجتمع، مع أنَّ الحقيقة تقول: لطالب الجامعة الحقِّ بالدِّراسة في بيئة آمنة بغضِّ النَّظر عن خلفيَّته الثَّقافيَّة أو الاجتماعيَّة أو الدِّينيَّة، والتَّركيز على قضيَّة طلَّاب السُّويداء هو-من وجهة نظري-شحن طائفيٌّ بشكل أو بآخر، يُسأل عنه كلُّ مقصِّر في مجاله: الأهل إن ربُّوا أبناءهم على الخوف أو الحقد أو التُّقية أو الكراهيَّة، وشيخ الطَّائفة أو زعيم القوميَّة أو زعيم القبيلة إن شحن الموقف بطريقة تشتِّت شمل المجتمع لكنَّها تضن سيادته الطَّائفيَّة أو الرُّوحيَّة أو المذهبيَّة على طائفته، ويلام الوزير أو رئيس الجامعة أو مدير المدينة الجامعيَّة إن قصَّر أيٌّ منهم، ويلام أصحاب الإمبراطوريَّات الإعلاميَّة من صُنَّاع التَّفاهة، أمَّا كيوتات مواقع الاجتماعيُّ فأنا لا ألومهم أبدًا؛ لأنَّ كثيرًا منهم يتحرَّكون بتأثير المموِّل أو تأثير الانفعال أو تأثير المصلحة الخاصَّة دون أهداف اجتماعيَّة واضحة أو بعيدة المدى.
عَودٌ على بدء…نتنياهو وترامب الحكيم
لو تجاهلنا تريندات التَّشويش السَّابقة، سنعود إلى القراءة في زيارة ترامب القريبة والمرتقبة إلى المنطقة، ونتوقَّع منها أن تضغط على نتنياهو وحزبه وجنوده ومرتزقته في السِّياسة والإعلام أيضًا، ستضغط عليهم نحو الكفِّ عن الاستثمار في العنف بكلِّ أشكاله؛ العنف العسكريِّ ضدَّ سكَّان غزَّة الأبرياء، وضدَّ المدنيِّين الأبرياء في لبنان أيضًا، العنف والتَّوغُّل في أراضي الجوار، العنف الإعلاميِّ بضخِّ الأموال لإمبراطوريَّة الإعلاميِّين المرتزقة للتَّشويش، وكثير من كيوتات مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ شجَّعوا نتنياهو على العنف، وشجَّعوا العنف المضاد تجاه جرائمه أيضًا، وكيلا تلتبس هذه الفكرة عليك -قارئي العزيز- استثمر نتنياهو في (مظَّلات وبراشوتات السَّابع من تشرين أكتوبر المعروف باسم طوفان الأقصى)، فقد انقضَّت هذه المظلَّات فجأة من السَّماء، وتبنَّاها شركاء نتنياهو في تمثيليَّات المقاومة، تبنَّاها لفظًا محور المقاومة (حماس ونصر الله وإيران)، ودفع ثمنها الفلسطينيُّون الأبرياء واللُّبنانيُّون الأبرياء، وتشرَّد مئات الآلاف في فلسطين ولبنان، ثمَّ أعلن نتنياهو نصره، كما أعلن نعيم القاسم نصره أيضًا، وبمثل هذه الطَّريقة من تمثيليَّات النَّصر والنَّصر المضاد لدى نتنياهو و(أعدقائه في محور المقاومة) أُدير جزء من الشَّرق الأوسط عقدين من الزَّمن تقريبًا، وكان الأبرياء وحدهم يدفعون ثمن جرائم نتنياهو وانتصارات محور المقاومة الوهميَّة، ولكن يبدو أنَّنا الآن وصلنا إلى نهاية هذه التَّمثيليَّة؛ فلم يعد هناك قادة محور مقاومة يعتمد عليهم نتنياهو للمناوشة وتسويق نفسه للنَّاخب الإسرائيليِّ بطلًا منتصرًا في الحروب كلِّها؛ لذلك راح يتوغَّل في أرض الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة للضَّغط على ثورتها المنتصرة حينًا، ويجاهر بتبنِي الدُّروز أو دعمهم أو حمايتهم أو حماية جزء منهم حينًا آخر، مع أنَّ أحرار (الدُّروز) يرفضون الرُّكون إلى (زمن الغفلة-بحسب عنوان كتاب قيس حمزة ماضي فرُّو) مرَّة أخرى، ولا يثقون بالمجرم نتنياهو، ويُعدُّ وليد بيك جنبلاط من أكثر القادة الدُّروز فهمًا لطريقة نتنياهو بتحويل الدُّروز إلى ورقة يتاجر بها مثلما تاجر بقادة حماس وقادة حزب الله والمجرم المخلوع بشَّار الأسد من قبلهم، ثمَّ تخلَّى عنهم، وتخلَّص منهم عندما انتهى دورهم.
نتوقَّع من زيارة ترامب أن تؤكِّد على وحدة أراضي الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة، لذلك سينخرط أهل السُّويداء غير المتورِّطين مع بشَّار الأسد بجرائمه في مؤسَّسات الدَّولة، وسيشارك فيها الكرد المؤمنون بوحدة أراضي الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة، وسينطلق الجميع نحو إعادة الإعمار، وسيُنحَّى المرتبطون بأجندات وأوهام خارجيَّة؛ لأنَّ مصلحة المنطقة كلِّها بوحدة أراضي الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة، ووحدة السّوريِّين لمواجهة مخاطر المفاعل النَّوويِّ الإيرانيِّ؛ ومن هنا لم يعد أمام نتنياهو أزلام مقاومة وهميَّة يجني معهم مكاسب المقاومة الزَّائفة، فيسيطر نتنياهو على خصومه السِّياسيِّين، ويتزعَّم حكومة إسرائيل، ويكسب الممثِّلون معه غنائم المقاومة، ويحلم بعض المنفصلين عن الواقع بدويلات قوميَّة أو مذهبيَّة هنا وهناك؛ بالمختصر سيقطف ثمار زيارة ترامب القادمة كبار الفكر والسِّياسة من حكماء المنطقة، وستنتهي أحلام الصِّغار؛ لذلك نسمع بجعجعة المهاوشات، ونرصد بعض المناوشات، وتعلو الجعجعة حول اللَّاشيء؛ لذرِّ بعض الرَّماد في العيون؛ لتحجبها عن رؤية خير قادم، نأمل بتبلوره وظهوره خلال زيارة ترامب في قادم الأيَّام، وإن ظهر شيء ممَّا نتفاءل به سنفرح بكثير من حالات الزَّواج المدنيِّ العابر لحدود الأديان والقوميَّات والطَّوائف والمذاهب، وسيزور بعض السُّوريِّين بعضهم الآخر على مساحة الوطن دون أيِّ تفكير بأيِّ شيء غير الشَّراكة في الإنسانيَّة والوطن بين الضَّيف والمضيف.