كيف ظهرت أقدم شبكة اتِّصالات في العالم؟
مهنَّا بلال الرَّشيد
وعدتُ القارئَ العزيز في نهاية المقال السَّابق أن نتحدَّث في هذه الفقرة عن أسباب ظهور التِّلال وانتشارها في بلاد الرَّافدين أو سهول (ميزوبوتاميا) (Mesopotamia) بين نهري دجلة والفرات؛ لذلك قد يتبادر إلى ذهنه عند قراءة عنوان هذا المقال أنَّ سبباً طارئاً قد دفعني إلى تجاوز ذلك الموضوع والقيام بقفزة تاريخيَّة كبيرة للحديث عن أقدم شبكة اتِّصال عالميَّة أو أقدم شبكة تواصل اجتماعيٍّ في العالم خلال زحمة الحديث عن خوارزميَّات شبكة التَّواصل الاجتماعيِّ المعاصرة، لكنَّ تلال بلاد الرَّافدين -في الحقيقة- هي أقدم أبراج الاتِّصالات العالميَّة أو أقدم شبكة تواصل اجتماعيّ في العالم علاوة على تميُّز هذا الشَّرق في إنتاج أقدم نظريَّات الجبر والهندسة والرِّياضيَّات وأقدم نظام كتابة في ألواح الطِّين في رُقم العراق ومصر وأقدم (موسوعة أساطير) في إيبلا (حوالي 20 أسطورة) لم يُسلَّط عليها الضَّوء حتَّى الآن، بالإضافة إلى أقدم نوطة موسيقيَّة عالميَّة، كتبها أحفاد الإيبلاويِّين بعد تطويرهم نظام الكتابة المسماريَّة وعند اختراعهم أقدم نظام أبجديٍّ في أوجاريت أو رأس شمرا شمال اللَّاذقيَّة على سواحل البحر الأبيض المتوسِّط في سوريا؛ ولكن هل كانت التِّلال أبراج اتِّصال حقّاً؟ هل هي تلالٌ أو أبراج اتِّصال طبيعيَّة أو هي تلالٌ صناعيَّة رفعها الإنسان أو بناها لغايات تواصليَّة؟ وكيف اهتدى الإنسان إلى هذا النَّوع من النِّظام التَّواصليّ؟ كيف طبَّقة؟ وكيف استفاد منه؟
تِلالٌ طبيعيَّة أم تِلالٌ صناعيَّة؟
عندما اشتدَّ القحط والجفاف على الإنسان في مرحلة تاريخيَّة صعبة من مراحل عُنق الزُّجاجة، دفن حبَّات القمح تحت التُّراب في (كوبكلي تبّه) (Göbekli Tepe)؛ أشهر تلال (ميزوبوتاميا) أو تلال بلاد ما بين النَّهرين والعالم كلِّه في وقتنا الرَّاهن، ثمَّ راح يبحث عن بعض الطَّعام؛ ليرجع إلى حبَّات قمحه إذا غلبه اليأس والجوع، ولم يعثر على أيِّ طعام، وعندما عاد إلى حبَّات قمحه بعد شهور طويلة، جادت فيها السَّماء بأمطار غزيرة، وأخرجت الإنسان من مأزقه الشَّديد أو عُنق زجاجته؛ وجد حقلاً صغيراً من سنابل القمح الذَّهبيَّة النَّاضجة؛ فحصدها، وجمع ثِمارها، واهتدى إلى تكرار عمله، وَدَفَنَ الثِّمار تحت التُّراب، وتعهَّدها بالرِّعاية والسِّقاية في كلِّ موسم؛ ولم يتعلَّم بذلك طريقة البِذار وحسب، وإنَّما تعلَّم استصلاح الأرض لحراثتها بالحِراب والرِّماح، وراح يُنظِّف التُّربة من الحجارة والأعشاب، وبدأ يطوِّر أدواته الزِّراعيَّة اللَّازمة للفلاحة والبذار والزِّراعة والحصاد؛ فصنع المِحراث القديم والمناجل والنَّوارج وغيرها، وتعلَّم مواقيت الزِّراعة والتَّقويم الزِّراعيِّ مع استصلاح الأرض قبل الحصاد وبعده، بالإضافة إلى قوانين الحِراثة وطقوس الاستسقاء في الخريف، وطُرق البذار والزِّراعة أوائل الشِّتاء، وحرصَ أشدَّ الحرص على أرضه المزروعة من مداهمة الأعداء وحيوانات البرِّيَّة أيضاً؛ لذلك بنى من الحجارة والأتربة المنقولة تلالاً صغيرة على أطراف حقله المزروع، وبدأ بفكرة تقسيم العمل بما يتناسب مع قدرات كلِّ شخص في هذا المجتمع الزِّراعيِّ النَّاشئ، فتميَّز الرِّجال الأشدِّاء في قدرتهم على حمل الحجارة وتنظيف الأرض وحِراثتها، وبرز دور الأطفال في القدرة على تسلُّق الأشجار وقطف الثِّمار العالية، وظهرت مهارة النِّساء في غربلة القمح وتنظيفه وإعداده للطَّعام، وجلس الرِّجال الحُكماء المسنِّون نواطير فوق التِّلال الصَّغيرة على أطراف الحقول المزروعة؛ ليحموا خيرات قريتهم الزِّراعيَّة الأولى من كلِّ عدوٍّ قادم أو كلِّ خطرٍ مداهم، وعندما كان مردود العمل التَّعاونيّ أكبر بكثير من مردود جمعِ الثِّمار العشوائيَّة وصيد الحيوانات البرِّيَّة الشَّاردة، وعندما أمَّنت الزِّراعة طعام البشر، وحمت أطفالهم من الموت بسبب الجوع، وأسهمت في زيادة عدد السُّكَّان، وأخرجت البشريَّة من عنق الزُّجاجة، قرَّر البشر استصلاح مزيد من الأراضي في نهاية كلِّ موسم، وكلَّما توسَّعت مساحة المستوطنة أو القرية الزِّراعيَّة الأولى شيَّد المزارعون من الحجارة والأتربة تلالًا على أطرافها البعيدة؛ لتكون هذه التِّلال بمثابة سورٍ يحمي الحقل من الأعداء وحيوانات البرِّيَّة، والحقُّ أن وجود أربعة تلال على أطراف القرية الزِّراعيَّة لحمايتها من الجهات الأربع بالنَّواطير ورجال الاتِّصالات أسهل من تسوير مئات الهكتارات وآلاف الدُّونُمات، ناهيك عن وجود بعض التِّلال والمرتفعات الطَّبيعيَّة، الَّتي سيوفِّر وجودها مئات من ساعات العمل، وسوف يجلس فوقها النَّواطير ورجال الاتِّصال من الكبار والمسنِّين والحكماء؛ ليحموا العمَّال والفلَّاحين المنتشرين في الحقول الزِّراعيَّة؛ أولئك الَّذين يعملون فيها على مدار العام باستصلاح الأراضي، وحراثتها، وبذارها، وتنظيفها من الأعشاب، وسقايتها بعض الأحيان، ثمَّ بحصادها واستخراج موسمها؛ لتجهيز مؤونة الشِّتاء القادم، وبهذه الطِّريقة زادت التِّلال، وانتشرت في سهول ميزوبوتاميا، وتمدَّدت القرى والمستوطنات الزِّراعيَّة في بلاد الرَّافدين وسهول الأناضول والجزيرة الفراتيَّة وبلاد الشَّام واليمن والجزيرة العربيَّة وفي مصر وشمال أفريقيا كلِّها، ولكن كيف استطاع الشُّيوخ الحكماء ورجال الاتِّصال المنتشرون على التِّلال من التَّواصل مع بعضهم الآخر في التِّلال البعيدة؟ وكيف تواصلوا مع العمَّال والفلَّاحين المنتشرين في السُّهول والحقول الزِّراعيَّة؟
(ما في دُخَّان بلا نار) قصَّة مثلٍ أم قصَّة أقدم نظريَّة اتِّصال مُدْمَجَة في العالم؟
عندما اتَّسعت مساحة القرى الزِّراعيَّة، وانتشرت تلال الحماية على مساحات كبيرة، وصار المجتمع الزِّراعيُّ مجتمعًا منظَّمًا قادرًا على إنتاج طعامه وشرابه ومواكبة تطوُّره بتشريعات وأنظمة وقوانين مدنيَّة ظلَّت بعض القبائل تعيش على رعي الأغنام، وتتنقَّل في البوادي، وتهاجر في مواسم الصَّيف والشِّتاء بحثاً عن الماء والمرعى، وهنا ظهر ما يشبه تعارض المصالح؛ بسبب استصلاح المجتمعات الزِّراعيَّة مزيدًا من الأراضي المشاع، وتحويلها إلى ملكيَّة خاصَّة؛ فكان لا بدَّ للمزارعين من حماية أرضهم، ولا بدَّ للمجتمعات البدويَّة من غزو المستوطنات الزِّراعيَّة للحصول على بعض المحاصيل منها؛ وهنا أيضاً ظهرت حاجة ملحَّة لتطوير نظام الاتِّصال بين تلال الحماية والعمَّال والفلَّاحين المنتشرين في الحقول؛ ولأنَّ (الحاجة أمُّ الاختراع) قانون جوهريٌّ في سيرورة التَّاريخ، اهتدى الحكماء من مسنِّي النَّواطير في التِّلال إلى تطوير نظام الحماية والتَّنبيه من الأخطار الخارجيَّة المداهمة، فدمجوا النَّار-اكتشافَ أجدادهم من أبناء الهومو إيريكتوس-في نظامهم التَّواصليِّ الجديد، وطلبوا من المزارعين أن يعملوا في حقولهم بنشاط ودون أيِّ خوف، وأخبروهم بأن ينظروا -بين آونة وأخرى- إلى التِّلال المحيطة بهم من الجهات الأربع، وعندما يشاهدون أيَّ نار مضرمة في أيِّ جهة من الجهات؛ فليعلموا أنَّ ناطوراً حكيماً في هذه الجهة، ينبِّههم إلى خطر قادم، ويُشيع بينهم خبراً مهمّاً! ولو رأى أحدهم دخاناً دون أن يشاهد النَّار؛ فليعلم أنَّه (ليس هناك دُخان بلا نار)! وهكذا ظهرت قصَّة هذا المثل، الَّذي يختصر تاريخاً طويلاً من الحضارة، ومن هنا جاء مفهوم الشَّائعة، وراحت دلالة هذا المثل العربيِّ الجميل تتقلَّب بين الصِّدق والإشاعة أو الشَّائعة.
عندما أثمر هذا النِّظام التَّواصليِّ البسيط عن نتائج مذهلة، كان له فضل كبير في حماية المجتمعات الزِّراعيَّة المنتِجة والمنظَّمة من غزو المجتمعات الأخرى، طوَّر الحكماء هذا النِّظام التَّواصليِّ؛ وعبَّروا فيه عن معانٍ ودلالات أكثر دقَّةً وتعقيداً بالدُّخان والنَّار، فكان الدُّخان الأبيض النَّاتج عن إحراق القشِّ والعشب اليابس دليلًا على الانفراج وزوال الأزمة أو الخطر، وفي الفاتيكان حتَّى يومنا الرَّاهن، وعندما يرحل حَبْر المسيحيِّين الأعظم، وينعقد المجلس الكنسيُّ لاختيار قائد روحيٍّ جديد، تشخص أبصار المؤمنين المسيحيِّين نحو مواقد الكنيسة ومدخنتها، وعندما يخرج منها الدُّخان الأبيض يفرح كلُّ مؤمنٍ، ويفهم رسالة هذا الدُّخان الأبيض بالتَّوصُّل إلى اختيار حَبْر جديد، أمَّا الدُّخان الأسود في تلال الحضارة في سهول بلاد الرَّافدين فدلَّ في أغلب الأحيان على الخطر والإعصار حملاً على دلالة السَّماء المتلبِّدة بالغيوم السَّوداء، وكان حكماء رجال الاتِّصالات يرطِّبون الحطب بالماء فوق التِّلال؛ كي يزيدوا من سواد هذا الدُّخان المنطلق وكثافته، وهناك دلالة لِهَبَّة دخان واحدة، تختلف عن دلالة أخرى لموجتين متلاحقتين من الدُّخان، وإشعال موقدين للنَّار فوق التَّلِّ يدلُّ على خلاف إشعال موقد واحد، وبهذه الطَّريقة نما نظام التَّواصل بالتِّلال والأبراج، وأُدمجت فيه النَّار والدُّخان، وحملت هذه الأشياء البسيطة دلالات كبيرة، وصلت إلى حدِّ القداسة العظيمة في (سورة الدُّخان) في القرآن الكريم، ولو نظرتَ في محافظة أو ولاية أو مقاطعة واحدة من محافظات سوريا وسائر هذا المشرق الجميل لوجدت شبكة مذهلة من التِّلال تمتدُّ من الحسكة إلى إدلب، ومن إدلب إلى دمشق، ومن دمشق إلى غزَّة وسيناء والجيزة، التَّي تطوَّرت فيها هذه التِّلال إلى أهرامات، وسنقف عند هذه الفكرة في مقالات قادمة، وربَّما يضيء هذا الكلام على شيء من أسباب إغلاق محطَّة (أورينت) (Orient) السُّوريَّة قبل أيَّام، لكنَّنا لم نُسهب في الحديث عن هذا الموضوع، وسنختم مقال اليوم بوقفة فيلولوجيَّة أخيرة.
عودة إلى الفيلولوجيا
يدلُّ الفعل الإنكليزيُّ (Tell) على معنى الخبر والإخبار في اللُّغة العربيَّة، وهو مطابق تماماً لكلمة (تلّ) في اللُّغة العربيَّة نُطقًا ودلالة، وهذا يشير إلى الأصل القديم المشترك لهاتين الكلمتين (تلّ) و(Tell)، ويدلُّ على اقتباس اللُّغة الإنكليزيَّة الفعل (Tell) بمعنى (يُخبر) من اللُّغة العربيَّة أو اللُّغات المشرقيَّة، ويُظهر أسباب فهم علماء الآثار والفيلولوجيا الغربيِّين أنَّ كلمات: (هضبة) أو (مرتفعات) أو (أكروبول) إيبلا في إدلب تحمل نفس المعنى لعبارة (Tell Mardikh)؛ لذلك تراهم يكتبون عن حضارة (EBLA) بهذا الاسم مرَّة، وباسم (Tell Mardikh) مرَّة أخرى، دون أن يساورهم أدنى شكٍّ بأنَّ هذا المعنى سيلتبس على المتلقِّي الشِّرقيِّ أو الغربيِّ معًا، والحقُّ أنَّ الصِّفة الإنكليزيَّة (Tall) بمعنى (طويل) أو (مرتفع) أو (عالٍ) مشتقَّة أيضاً من دلالة كلمة (تلّ) في العربيَّة واللُّغات الشَّرقيَّة الأخرى على طول التَّلِّ أو ارتفاعه بمعنى أدقّ، والرَّجل (الطَّويل-Tall) عالٍ ومرتفع أيضاً، ولا يقف تحليل الفيلولوجيا عند هذا الحدِّ، بل تُخبرنا الفيلولوجيا أنَّ كلمة (Tele) تدلُّ على الاتِّصال عن بعد، كالاتِّصال بالنَّار والدُّخان بين حكماء الاتِّصالات المنتشرين على التِّلال البعيدة في سهول بلاد الرَّافدين أو ميزوبوتاميا؛ ومن هنا جاءت تسمية الهاتف (Telephone) للدَّلالة عن الاتِّصال بالصَّوت عن بعد، وبهذه الطَّريقة ذاتها جاءت كلمة التِّلفاز (Television) للدَّلالة عن الرُّؤية عن بعد عبر البثِّ الفضائيِّ أو الأرضيِّ، وهي مزيج من كلمتي (Tele) بمعنى: يتَّصل عن بعد، و(Vision) بمعنى: رؤية؛ لتدلّ الكلمة على معنى: التَّواصل بالرُّؤية من خلال بثِّ الصُّور والأفلام عن بُعد؛ وهنا نفهم معنى (WhatsApp) وإشارة هذا الاسم الاستفهاميَّة إلى آخر الأخبار المبثوثة أو المشاعة للبقاء على اتِّصال دائم، ومثل هذه الدَّلالة تقريبًا يحملها معنى اسم تطبيق أو برنامج التَّواصل (Telegram)؛ أمَّا جهاز التَّواصل اللَّوحيِّ (Tablet) فقد فضَّلتْ شركة (Apple) الأمريكيَّة-على ما يبدو-أن يكون باسم لوح الطِّين الإيبلاويِّ (من مملكة EBLA)؛ لأنَّ جيوفاني بيتيناتو؛ (أحد أشهر قرَّاء رُقم إيبلا من أعضاء بعثة التَّنقيب الأثريَّة الإيطاليَّة في تلِّ مرديخ في إدلب) قال: سيبقى المصطلح (Tablet) أكثر المصطلحات ملاءمة للدَّلالة على معنى رقيم الطِّين أو لوح الطِّين الإيبلاويِّ بوصفه لوحاً يحمل معلومات رقميَّة مشفَّرة أو مكتوبة بنظام تشفيريّ بالحرف المسماريّ واللُّغة الإيبلاويَّة، ولن ينتهي هذا المصطلح حتَّى يأتي مصطلح آخر أكثر ملاءمة منه للدَّلالة على هذا المعنى، وعند ذلك يستطيع أن يبزَّه، أو يبعده، أو ينحِّيه جانبًا، ويبدو أنَّ لحظة تنحية هذا المصطلح لم تأتِ بعد!
وقفنا في مقال اليوم على شبكة تلال الحضارة في سهول سوريا وبلاد ما بين النَّهرين، وعرفنا أسباب انتشارها، ورأينا كيف دمج حكماء المشرق وشيوخه من رجال الاتِّصالات النَّار والظِّلال والدُّخان والتِّلال في نظام تواصليّ واحد علاوة على دورهم في التَّأسيس لنظريَّة المحاكاة وعالم المُثل وظلال الأشخاص في كهف أفلاطون؛ وهنا أستطيع أن أختم بالإشارة إلى أحدث نظريَّتين في التَّواصل العالميِّ المعاصر؛ يؤسِّس تشومسكي لنظريَّة الدَّمج في واحدة منها، ويرى أنَّ الإنسان والعالم والتَّواصل العالميَّ ما هي إلَّا تراكم أشياء مدمجة بطريقة تشبه دمج النَّار والظِّلال والدُّخان والتِّلال وصور الأشياء وخيالاتها في نظام تواصل كونيّ واحد، وترى الفيزياء في أحدث صيحاتها ونظريَّاتها المعاصرة خلال النَّظريَّة الثَّانية: أنَّنا-نحن-البشر، وعالمنا الواقعيَّ الَّذي نعيشه، ونحياه، وكلَّ ما نراه ونسمعه ونتفاعل معه، ما هو إلَّا محاكاة أو ظلال لعالم آخر؟ فهل ستأتي الفيزياء بأدلَّة منطقيَّة متضافرة على نظريَّتها هذه؟ ربَّما يفعل علماء الفيزياء ذلك في المستقبل، وسواء فعلوا ذلك أم لم يفعلوه، سنواصل حديثنا في المقالات القادمة عن أشياء مثيرة أخرى في حضارتنا المشرقيَّة، نتفاعل معها في كثير من الأحيان دون أن ندرك حجم الإبداع والتَّاريخ العريق الكامن فيها!
ويمكننا في المقال القادم أن نتحدَّث عن الطَّريقة الَّتي واكبت فيها الأديان والتَّشريعات المدنيَّة هذا التَّطوُّر الكبير في حضارة أجدادنا المبدعين؟!