الرأي العام

الأكثرية والأقلية مرة أخرى

توفيق الحلاق – العربي القديم  

يبدو أن قضية الأكثرية والأقلية ماتزال تشغل بال الإعلامي والكاتب توفيق الحلاق… ورغم أنه تناولها في مقال سابق له في (العربي القديم)، إلا أنه يعود للكتابة عنها مرة أخرى، مدافعاً عن حقوق الأقليات على المستوى الفكري والعقائدي. (العربي القديم)

***

الأكثرية والأقلية؟ تعبيران يستخدمان لقياس الرأي العام حول قضية معينة، فيتم الأخذ برأي الأكثرية في مسائل مثل: هل توافقون على إنشاء مطار في منطقتكم؟ ولكن على المستوى الفكري والعقائدي، هل يصح القول: إن الأكثرية تمثل الحقيقة المطلقة ويجب على كل الأقليات الانصياع لها؟

لو كان الأمر كذلك لانضم الأنبياء والرسل إلى أقوامهم ولما عانوا الاطضهاد من أهلهم وذويهم وأبناء جلدتهم الذين كانوا الأكثرية… ولو كان الأمر كذلك لما ظهر العلماء والفلاسفة الذين صححوا الأفكار الخاطئة التي كانت تؤمن بها الأكثرية.

اقرأ أيضاً:

الأقلية والأكثرية: من الغابات إلى المجتمعات البشرية

ومع إيماني بأن الديمقراطية هي حكم الأكثرية، لأنها تمتلك أكثرية الأصوات الانتخابية حين يتم الاحتكام إلى الصندوق، فإنه لا يمكن للأكثرية أن تحقق العدالة للجميع دون ضابط اسمه الدستور. والدستور هو نتاج إنساني استفاد من كل الإرث الديني والفلسفي والفكري في تاريخ البشر ليصوغ مبادئ أساسية تحمي كل إنسان في المجتمع من تغول سلطة الأكثرية ضد حريته في عقيدته الدينية وانتماءاته القومية وضد أي تمييز ضده على أساس العرق واللون والجنس والعمر والحالة الإقتصادية.

 قد يجد كل مكون ديني أو طائفي أو عرقي أو أيديولوجي في أدبياته ومرجعيته الحقيقة المطلقة، لكنه سيصطدم حتما بالمكون الآخر الذي يرى نفس الحق… ويتخذ نفس النظرة إلى معتقدات الآخرين؛ ولذلك فإن البشرية وبعد عناء وويلات خلصت إلى أن ما يحفظ كرامة الإنسان وحريته يتمثل في الدستور الجامع لحقوق كل إنسان في كل مجتمع دون تمييز.

زر الذهاب إلى الأعلى