فنون وآداب

فيلم "عودوا" لإبراهيم الشكيري: هل أضحت سوريا تورا بورا الجهاد العالمي؟!

العربي القديم- أحمد صلال

يمكن لعشاق السينما من متابعي الإنتاج المغربي أن يشاهدوا الفيلم الروائي الجديد لإبراهيم الشكيري بعنوان “عودوا”. الفيلم من المقرر عرضه في جميع دور السينما بالمغرب، ويتناول حب الأم، والمعارك التي يمكن أن تخوضها الأم؛ لإنقاذ ابنها من الانجراف. يدعونا فيلم “عودوا” إلى حياة بتول المضطربة، وهي بلجيكية من أصل مغربي، مجتهدة، ومندمجة بشكل جيد في المجتمع. إنها تمر بأوقات عصيبة مع زوجها، بعد نزاع منزلي عنيف للغاية، يختفي ابنها إسماعيل، المراهق الشاب، بين عشية وضحاها. بتول التي تبحث عن ابنها، تكتشف على جهاز الكمبيوتر الخاص به أنه ذهب إلى سوريا؛ للانضمام إلى المتمردين الذين يقاتلون ضد النظام هناك، وبدون أي مساعدة أو دعم، خيارها الوحيد هو العثور عليه وإعادته إلى وطنه.

ومن خلال التظاهر بأنها صحفية، تمكنت من التسلل إلى منطقة القتال، لكنها وجدت نفسها محاطة بدورية من المقاتلين الأكراد. تكتشف شعباً يعاني، وبلداً مدمراً، وعالماً يعاني من شتى صنوف العذاب اليومي. موكبها يقع في كمين، ولحسن الحظ، تم إنقاذهم في اللحظة الأخيرة، وإعادة توجيههم على الفور إلى مخيم للاجئين. مستفيدة من الفوضى العامة، تغادر المخيم، وتذهب للبحث عن ابنها، الذي وجد نفسه محاصراً في عالم لا يفهمه، في مواجهة واقع الحرب القاسي. تشهد بتول العديد من المجازر المروعة، وتصبح ممثلة في هذا العالم الذي تسوده الفوضى، حيث لا يبقى إلا الأقوى. الحب الذي تكنه لطفلها، يمنحها الأمل والقوة اللازمة للبقاء على قيد الحياة.

متأثراً بهذا الوضع، قرر إبراهيم الشكيري أن يكتب فيلمه، هدفه هو شرح وتحذير الشباب. يتعاطف مع الآباء الذين تركوا أطفالهم رغماً عنهم. “من واجبي أن أكتب كضرورة، وأن أشهد في هذه الأوقات العصيبة، ومن واجبي أن أقول: إن خلف هؤلاء الأطفال الذين رحلوا هناك آباء يعانون، وغالباً ما يتمتعون بشجاعة هائلة، لأنهم يبقون بمفردهم”.

لإخراج هذا الفيلم، استلهم إبراهيم الشكيري قصة الشباب الذين انخرطوا على مضض في معارك بعيدة عن أيديولوجياتهم. وقبل كل شيء، يروي الفيلم معاناة الآباء والأمهات الذين يواجهون الأمر الواقع، وينتظرون عودة أبنائهم من مناطق النزاع… وكالعديد من الأفلام لا يجد صناعها أفضل من سوريا؛ كي يجعلوا منها هذا المكان الملعون الذي يبتلع الشبان من أيديولوجات مختلفة… وكأن سوريا قد أضحت تورا بورا الجهاد العالمي، وفرغت من شعبها وحضارتها وهمومها، وتفرغت لاستقبال هؤلاء الحالمين بالجهاد بأيديولوجياته المختلفة.

“في أحد أيام الربيع في بروكسل، بينما كنت أسير مع ابني، صادفت جاراً سابقاً وصديقاً للمدرسة. وبعد تبادل التحية لاحظت مظهرها التائه والحزين، تبدو مكتئبة وبعيدة عن هذا العالم. علمت لاحقاً أن ابنها غادر؛ للانضمام إلى صفوف أحد التنظيمات المتمردة في سوريا، وأن والدته كانت تحاول، قدر استطاعتها العثور عليه بأي ثمن”. هذه المعلومات تجعلني عاجزاً عن الكلام، وتتبادر إلى ذهني مجموعة من الأسئلة. ويكتشف المخرج أيضاً أن حي طفولته في بروكسل، يضم الآن العديد من الشباب الذين يذهبون للجهاد في سوريا؛ لمحاربة “المرتدين” الكفار… “. الأشياء التي بدت بعيدة جداً، بالنسبة لي كانت في الواقع قريبة جداً… مفردات من زمن آخر تم تحديثها من قبل شاب يفتقر إلى الاتجاه بشكل صارخ. لماذا وصلنا إلى هذه النقطة؟ كيفية ثنيهم؟ كيف نتحدث عن ذلك؟ لقد أصبح العالم فوضى أمام عيني.

زر الذهاب إلى الأعلى