فنون وآداب

رحيل المفكر يوسف سلامة: آمن بعدالة القضيتين السورية والفلسطينية وصارع استبداد الأسد

العربي القديم – خاص:

نعت أسرة المفكر السوري الفلسطيني د. يوسف سلامة رحيل عميد أسرتهم على صفحته الشخصية على (فيسبوك) ببيان قالوا فيه:

“انتقل إلى رحمته تعالى المفكر الفلسطيني السوري يوسف سلامة في مدينة مالمو، السويد مساء الرابع من آذار محاطاً بعائلته وأحبته. نشكر كل من تواصل معنا في الفترة المنصرمة ونشكر بشكل خاص طلابه وأصدقاءه الذين جاؤوا ليكون بجانبه بالأسابيع الأخيرة. يوسف كما يعرفه الكثيرون كان محباً للحياة، وللفلسفة، وللموسيقا، ولعائلته وللأصدقاء”.

وأوضح البيان أن د. سلامة “أمضى العقد الأخير من حياته بسبب المهجر، بعيداً عن كثير من أحبته والطرقات الدمشقية التي حفظها عن ظهر قلب، ولكنه بقي حتى النفس الأخير مؤمناً بعدالة القضيتين السورية والفلسطينية مصارعا بكل شجاعة كل أشكال الاستبداد والطغيان”.

شهادات وكلمات أصدقائه

وكان رحيل د. يوسف سليم سلامة أستاذ الفلسفة الغربية المعاصرة في جامعة دمشق، والباحثٌ مشاركٌ في المعهد الفرنسيّ للدراسات العربية بدمشق. ونائب رئيس الجمعية الفلسفية العربية في عمّان، ونائب رئيس الاتحاد الفلسفيّ العربيّ في لبنان، قد أشعل الحزن وكلمات الرثاء في صفحات أصدقائه وتلامذته ومحبيه، فكتب صديقه ومواطنه د. أحمد برقاوي:

” وحين يغمض جمرُ الفيلسوفِ جفنيه،

ويلفظُ العقلُ سناءاته الأخيرةَ

ويلوح جناحاه برفرفة الفناء

يتحولُ الوجودُ إلى بيتِ عزاء،

وتلبسُ الآلهة والآلهاتُ أثوابَ السواد

 حداداً وحزناً لا يزول.

يوسف سلامة صديقي يلوح لكم بالوداع الأخير”.

وكتب الفنان السوري عبد الحكيم قطيفان مشيداً بمناقبه وعمق انتمائه السوري الفلسطيني:

“رحل عن عالمنا الدكتور يوسف سلامه.. وداعآ يا صديقنا وأستاذنا الطافح بالخير  والحب  والعقلانية والاستذة وابتكار السؤال.. أيها الرجل النبيل والمثقف والبسيط والعميق  والاكاديمي اللامع، سنفتدك جدا في سهراتنا ولقاءاتنا، لكن روحك ستبقى حاضرة بيننا، أيها الطافح بفلسطينيتك وسوريتك وإنسانيتك ودندنات الطرب.. لروحك الرحمة والطمأنينة.. ولعائلتك وطلابك وأصدقائك صادق المواساة وطيب الذكرى.. وداعآ. ولروحك وذكراك ضمة ورد ودمعة في المحجرين

وكتب الكاتب والباحث السوري حسام جزماتي:

جمع يوسف سلامة بين الذكاء العالي والعلم الرصين وسعة الأفق والاطلاع والتواضع الحقيقي والحس العملي واللطف البالغ مع عدم تضييع البوصلة؛ ما يجعله رجلاً استثنائياً وأحد القلائل ممن يستحقون لقب “أستاذ”. وقد أضاف إلى ذلك كفاحية يومية دؤوبة تجعل من موته مفاجأة رغم عمره المتقدم. فقد كانت حيويته المتدفقة تشعرك أنه موجود دائماً في الطرف الآخر من العالم، وجاهز لتقييم الاقتراحات وتكييفها ببراعة قل مثيلها.

هذا أحد المواقف القليلة التي يصح فيها استهلال النعي بالعبارة الرائجة: “لقد فقدت الثقافة السورية اليوم واحداً ممن…”.

وكتب الكاتب والروائي السوري عبد الرحمن مطر:

” بالأمس مرّ عيد ميلادك، ونحن في انشغال عليك، ونصلي من اجلك.. واليوم تغادرنا، ليسكننا الألم وفاجعة الرحيل.. وداعا أيها المثقف المتميز، والإنسان النقي والنبيل.، والمناضل الصلب من أجل الحرية”

سيرة إبداعه ونبوغ

كان سلامة المولود في فلسطين عام 1954 والذي تخرج من قسم الفلسفة بجامعة دمشق عام  1972  وحصل على الماجستير عام 1974، قد حصل على وسام السعفة الأكاديمية من مرتبة فارس من الحكومة الفرنسية، عام 2007… حيث كان قد نال درجة الدكتوراه من جامعة باريس الثامنة عام 1981،  كما حصل على جائزة الشارقة للمعاقين المبدعين، ليحقق المركز الأوّل في العام 1998. وله العديد من المؤلفات، منها: «الإصلاح السياسيّ في سورية: معناه وحدوده، دمشق، 2001» و«الاعتراف المتبادل: مدخل إلى مدنية الدولة وعلمانية الحياة، مجلة فكر، بيروت، 2012». كما كتب عدداً من الأبحاث والدراسات: “العلمانية العربية، مشترك، دار الينابيع، دمشق، 2009″، و”مشكلة الديمقراطية، مجلة المشكاة، 2008”.

وقد أعلن سلامة إيمانه بثورة الحرية والكرامة في سوريا، رغم “التشوّهات التي اعترتها والانزلاقات التي تعرّضت لها”. على حد وصفه، معلّقاً على “ارتداد بعض المثقفين عن تأييد الثورة” بسبب هذه التشوّهات والانزلاقات بالقول: “خيبة الأمل موقف انساني، يمكن تفهمه” ذاكراً أن: “البنية المسيطرة على المثقف هي في الغالب بنية طوباوية. وتزداد هذه الطوباية قوة كلّما تخلّى المثقف عن ملكاته النقدية” وأن “التاريخ هزائم وانتصارات، وأول من ينبغي عليه أن يفهم ذلك هو المثقف”.

يذكر أن سلامه كان يرأس تحرير مجلة (قلمون) الفكرية الفصلية، التي تمولها قطر، وهي إحدى إصدارات إمبراطورية عزمي بشارة الإعلامية، وكان آخر ما أصدره من المجلة في مطلع العام الحالي، عددا خاصا عن حكم العسكر في سورية، قدم له على صفحته الشخصية بالقول:

” الأصدقاء الأعزاء … بعد جهد كبير صدر العدد المزدوج 25-26 من مجلة قلمون السورية، والملف الرئيس في هذا العدد المزدوج هو: (دولة العسكر الشمولية: سورية أنموذجاً)”

زر الذهاب إلى الأعلى