تاريخ العالم

بين "الشّام شامك"، و"الهند هندك": كاتب كويتي يتذكّر علاقة الخليج بالشام والهند

العربي القديم- متابعات

توقّف كاتب كويتي في زاويته الأسبوعية الأخيرة، عند مثلين شعبيين راجَا في الخليج العربي منذ قرون، وعبّرا عن علاقة أهل الخليج بالشام والهند، وكيف كانتا وجهتي سفر للتجارة، والتبضّع، وتحصيل الرزق في زمن الضيق.

وقال الكاتب في مقالته المنشورة في صحيفة (القبس) الكويتية اليوم: “تعرضنا في مقالة نشرتها جريدة القبس الغرّاء بتفسير، بقدر الإمكان، ما يعني المثل الكويتي الخليجي العربي الذي يقول: “الشام شامك إذا الدهر ضامك”، وكما يبدو للمطلعين أن معنى هذا المثل واضح لا يحتاج إلى الكثير من الجهد لتفسيره. إلا أنني أودّ هنا أن أشير إلى ما يعني ذلك القول بالنسبة للبلد الصديق الهند”.

تاريخ رجال الشام

وبالعودة إلى مقاله السابق المعنون: (سوريا بلاد العزّ) قال الكاتب محمد سالم البلهان عن الشام:

” كان أهل الكويت، ولا يزالون يتمثّلون بمثل كان يردّده الأجداد يقول: “الشام شامك إذا الدهر ضامك”، وهذه دلالة واضحة على أن بلاد العرب سوريا الشقيقة كانت ملاذ شعوب الأمة العربية، وهذا في الواقع أمر لا نقاش فيه، فسوريا كانت تملك كلّ ما يجب أن تملكه الشعوب الحرّة، فهي تملك أرضاً خصبة واعدة يُغذّيها بردى، والغوطة، وروابي الشام بالخير والعطاء، ويشهد التاريخ أن دمشق كانت عاصمة لأعظم دولة خلافة إسلامية، ألَا وهي عاصمة الخلافة الأموية، حيث نقلوا خلالها تعاليم الدين الإسلامي، وصدارة العرب إلى ما وراء البحار هناك في أعالي بلاد السند في أرض آسيا، وفي الغرب في الأندلس التي لا تزال تحتفظ بآثار طليطلة، وغرناطة، وإشبيلية قائمة، حتى يومنا هذا، لتؤكّد بكلّ أمانة عظمة، وقوة أيادي رجال الشام”.

بلاد العيش السهل

أمّا عن المثل الشعبي: “الهند هندك لو قلّ ما عندك”، فيضيف الكاتب في مقاله اليوم:

” كانت جمهورية الهند، كما يذكر لنا الآباء والأجداد الذين سبقونا، رحمهم الله، إلى التعرّف ومعرفة بلاد الهند، كانت البلد الذي كان يقصده سكان الكويت، وأبناء كلّ دول الخليج، للعمل والتكسّب، ومزاولة التجارة المتبادلة التي كانت تُمارس على أيدي أبناء الخليج بين الهند، ودول الخليج العربي، إلا أنه كان العرب في منطقة الخليج يقومون بسفنهم الشراعية بزيارة الهند، لعرض ما يصطادونه من لؤلؤ من البحار، خلال زيارتهم أماكن الغوص، ثم يأتون بما يكسبونه من مال، نتيجة بيعهم ذلك اللؤلؤ، بما يحتاجه الإنسان العربي من أبناء الخليج، حيث كانت بلاد الهند من البلدان التي يتوفر فيها العيش بسهولة، إضافة إلى رخص الحياة المعيشية التي توفر لقاصدي الهند من أبناء الخليج، ما يمكن توفيره من مال، وطعام وإسكان، وهذا يفسّر المثل “الهند هندك إذا قلّ ما عندك”، وهو إذا قلّ ما عندك، فعليك أن تقصد بلاد الهند التي يمكن لك الحصول على ما ينقصك من مال وطعام”.

 ثم يشير الكاتب إلى أنه “بقدرة الله انقلبت مع مرور الزمن الحال، حيث ارتفعت وفرة المال، واتسعت فرص العمل، وزادت سهولة العيش، والأمن والأمان الذي يمكن أن يتمتع به الإنسان في الكويت، ودول الخليج التي أصبحت دول الجذب العالمية لمزاولة الأعمال، وبناء على ذلك نزح إلى دول الخليج معظم أبناء سكان بلدان العالم، حيث شاركوا جميعاً أهلها ببناء، وإنشاء ما تحتاجه دول الخليج من منشآت، وتعليم وبناء”.

لمحة تاريخية

وبعيداً عن مقال الكاتب الكويتي الآنف الذكر، يذكر كتاب (العرب والهند: تحولات العلاقة مع قوّة ناشئة ومستقبلها) الصادر عن المركز العربي لدراسات السياسات، عام 2020 أن المصادر التاريخية تشير إلى حركة السلع والبضائع المبكرة، وهجرة أهل الخليج إلى الهند طلباً للتجارة، وجلب البضائع والسلع الهندية، وتصريف منتوجات أهل الخليج؛ حيث كانت الهند من أهم الوجهات لتجّار البصرة، وعمان، وسيراف. وفي القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي، كان تجار البصرة يشحنون سفنهم من عمان إلى الهند، بالأسماك المجففة، واللؤلؤ والخيول، والليمون المجفف والتمور، وغيرها من السلع والبضائع، وكان تجار الهند  يحمّلون سفنهم إلى البصرة، وسيراف واليمن، والموانئ العربية الأخرى، بمختلف البضائع  من طعام، ورقيق ومتاع.

وكانت الحركة التجارية، وعملية التبادل نشطة بين الهند والموانئ العربية؛ إذ إن رجلاً من التجّار من أهل البصرة، منذ سنين عدّة يُجهّز من عُمان إلى بلاد الهند، ويرجع من بلاد الهند إلى عمان، فيبيع متاعه، وفي عام 1574 كتب الرحالة ليونهارت راوولف (1535- 1596)  في أثناء زيارته للمنطقة، أن 25 سفينة وصلت إلى البصرة من الهند، محملة بمختلف البضائع. وكانت مدينة سورات في الهند من أهمّ المدن الهندية التي تُجلب منها البضائع إلى الخليج العربي. ولم تقتصر العلاقة الاقتصادية على حركة السلع والبضائع،  وإنما تعدّى ذلك إلى التعاون الإداري بين موانئ الهند، وموانئ منطقة الخليج، حيث كانت البضائع التي لا تحمل ختم صاحب ميناء صحار العُماني، لا أحد يشتريها، ولو ذهب بها إلى الهند.

زر الذهاب إلى الأعلى