الرأي العام

مقامات أمريكية | دعوة إلى فناني سوريا

لديك الآن فرصة ذهبية في تصوير المنافقين الكاذبين، كثير منهم قد كوّع وسيكونون فرحين بإعطائهم أي دور

د. حسام عتال – العربي القديم

يا فناني سوريا اتحدوا. نناشدكم، لأن إبداعكم يساعدنا على إدراك وجودنا الحق، وفهم ماهو حولنا، أو نسيانه. بقفزكم فوق حواجز النمطية، وتجاوزكم حدود العادات التقليدية، نرى معكم بصيص الأمل يشع في البعد أمام أعيننا. نحن بأشد الحاجة لأعمالكم في هذا الوقت العصيب. لذلك أتوجه إليكم:

أيتها الرسامة: ما هو العالم سوى بقعة دهان على رأس ريشتك، وما هو الكون الأبعد سوى قماش اللوحة التي هي أمامك. أرينا الحقيقة، ظاهرة كانت أو خفية، كيف شئت، أتحفين. (كل ما أرجوه منك هو ألا ترسمي بالواقعية الاشتراكية، ليس الآن ربما بعد أن نفيق من صدمتنا التي نحن فيها).

أيها المصوّر: افتح مصراع عدستك، والعب بالضوء والظل، أرنا الأشياء بمنظور آخر، ما أمامها، وما خلفها، ولا تنسى الخيوط التي تربط بينها. كم نحن بحاجة إلى ربط الماضي بالحاضر، كي نستطيع القفز لمستقبل أفضل.

حي جوبر الدمشقي بعدسة د. حسام عتال 2025

أيها النحّات: املأ الفراغ حولنا بأشكال عجيبة، سنتأملها من مختلف زواياها فلا تنسى أن الفراغ المحيط بها، الفراغ الذي سنعيش فيه. اليوم يمكنك نحت أي شيء تريده، إلا واحداً… ولن اسميه لكي لا ألطخ هذه الصفحة.

أيها القاص: دعنا نتذوق الحياة مرتين، مرة حين نعيشها بأنفسنا، ومرة أخرى كما عانتها شخصيات قصصك. اعتن بالصفحة الأولى لأننا اليوم دون صبر، ولن نقرأ ما هو بعدها إن لم تسرق انتباهنا، واجعل النهاية في الصفحة الأخيرة مفتوحة لأننا سئمنا النهايات، نريد بداية جديدة، حتى عندما تكتب الصفحة النهائية.

أيها الشاعر: انفض الغبار عن أوراقك، وبعد كأس الشاي الثقيل أطلق الجنّي المحبوس في قلمك. لا نريد أن نفهم أو نعي، نحن نريد أن تفك عقال أرواحنا وتحملها معك، لقد تَعِبَتْ أرواحنا لثلاثة عشرة سنوات عجاف، وهي بأشد الحاجة لرحلة في فضاءات عديمة الجاذبية، فخذنا معك في ترانيم شعرك.

أيها الكوميدي: أضحكنا، أبكينا، اسخر منا، أضرب رأسنا بمطرقة من حديد… لقد سقط القيد، ولديك سلاح ماض فاستخدم أي كاريكاتير أو لغة شئتها، لقد سئمنا التصفيق والتهليل والكذب والنفاق.

أيتها السينمائية: في لحظات وحدتنا نلجأ إليك كي تدخلينا عالماً آخر، نقابل فيه كباراً وصغاراً وبنات، نتعلم لغة جديدة، ولهجات ولكنات، ونفهم ثقافات وعادات. نعرف أنه عالم اصطناعي مفبرك ولكننا لا نستطيع ألا نشارك فيه عواطفنا وأفكارنا وأحكامنا وأحلامنا. ولديك الآن فرصة ذهبية في تصوير المنافقين الكاذبين، كثير منهم قد كوّع وسيكونون فرحين بإعطائهم أي دور، فسخّريهم كما تشائين.

أيها الفيلسوف (والفلسفة فن): نحن أنصاف المثقفين كنا نقرأ لك ونهز رأسنا بالقبول رغم أننا لا نفقه كلماتك المنمقة، ويشق علينا فهم عباراتك المليئة بمصطلحات مبهمة. لكننا بحاجة إليك لأننا، في أعماق أنفسنا ندرك أن الفلسفة هي عماد كل علم، دون أسسها لا تستقيم الأمور الشائكة ولا تحل المشاكل المستعصية. ولكن لدي طلب بسيط: الآن، وقد هرب الأسد بفلسفته الملتفة كالتفاف الثعبان، هل لنا أن ننزل من السحاب، ونجلس على الأرض الصلبة، ونتكلم بلغة يسرة وكلمات واضحة يعرفها حتى الكلب والقطة.  

أيها الفنان (المناضل) الفيسبوكي: لا تغيّر شيئاً، وعبّر عن نفسك بنفس الطريقة كما كنت تفعل دائماً. يعني كما يقول المثل “انزل يا جميل ع الساحة وتمختر كده بالراحة”، فأنت فنان بطريقة خاصة، فأنت لا تبدأ بالتقليد كما يفعل معظم الفنانين، بل تسرق، فالتقليد كما يقال هو للهواة والسرقة للمحترفين. ففي هذا العهد الجديد أنت سواسية مع غيرك لديك نفس الحقوق، رغم أنك دون واجبات، اللهم سوى أن تسامحنا حين نتجاوز بوستاتك إلى غيرها دون إشارة أو تعليق، لأنه ليس هناك إيموجيات تكفي للتعبير عن مشاعرنا تجاهك، أو كلمات تصف امتنانا لوجودك بيننا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى