العربي الآن

رحيل الإعلامية اللبنانية جيزيل خوري.. نجمة الحوار السياسي وحوار العمر والمشهد المتبدل

بقلم: محمد منصور

نعت “مؤسسة سمير قصير” مؤسستها الإعلامية اللبنانية جيزيل خوري التي غيّبها الموت، فجر اليوم الأحد، عن عمر يناهز الـ 62 عاماً.

وجاء في بيان النعي: “تنعى مؤسَّسة سمير قصير إلى الأصدقاء والأوفياء وعشّاق الحرّية، مؤسِّستها الحالمة ورئيستها الدائمة، الإعلامية جيزيل خوري، بعد حياة من النضال والالتزام والإنجازات”.

كما نعت شبكة (سكاي نيوز) الإماراتية، الإعلامية اللبنانية في بيان لها جاء فيه: “بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، تنعي شبكة سكاي نيوز عربية الزميلة الإعلامية اللبنانية جيزال خوري، التي وافتها المنية صباح اليوم في منزلها في بيروت. وإذ تنعي سكاي نيوز عربية الزميلة جيزال خوري؛ فإنها تستذكر مشوارها الصحفي والإعلامي الطويل الذي بدأ مع المؤسسة اللبنانية للإرسال ثم قنوات إعلامية دولية آخرها سكاي نيوز عربية في 2020، حيث قدمت برنامجها الحواري “مع جيزال” الذي استضافت خلاله نخبة من أبرز صناع القرار والمسؤولين من العالم العربي”.

جيزيل خوري التي اعتبرت واحدة من الوجوه اللبنانية الأكثر حضوراً وتنقلاً بين شاشات المحطات العربية خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ولدت العام 1961 في بلدة العقيبة قضاء كسروان. درست التاريخ في جامعة الروح القدس – الكسليك، ثم الإعلام في الجامعة اللبنانية.

حوار العمر النموذج المفضل والمكرر

بدأت مسيرتها الإعلامية عام 1986 عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال (ال بي سي) حيث قدمت مجموعة برامج ثقافية ووثائقية وسياسية، كان أبرزها برنامج “حوار العمر” في أواسط التسعينات، الذي حققت فيه نجاحاً كبيراً من خلال حواراتها مع بعض من ألمع الأسماء الفنية والثقافية والسياسية في لبنان والعالم العربي. وعلى مر سنوات طوال ظل هذا النموذج السهل من الحوارات التي تستعرض وقائع الذاكرة ومشوار حياة الضيف، هو النموذج المفضل والمكرر لجزيل خوري في كل محطات مسيرتها المهنية، دون أي إضافات فنية تذكر.

بعد افتتاح قناة (العربية) السعودية في مدينة دبي عام 2003، انضمت جيزيل خوري إليها، وعملت فيها أكثر من عشر سنوات، قدّمت خلالها برنامجَي “بالعربي” و”ستوديو بيروت” وبرزت هناك كمحاورة سياسية، تقف في منطقة إشكالية حيناً، وعميقة حيناً آخر، لكنها لا تنجرف نحو الحوارات الهجومية أو الاستفزازية.

في نهاية عام 20213 انتقلت جيزيل خوري إلى “بي بي سي عربي” لتقدم برنامجها الحواري “المشهد” الذي كان إبحاراً في ذاكرة شهود عيان عاشوا تحولات وأحداثاً هامة في التاريخ العربي الحديث.

وبعد توقف برنامجها بسنوات، انضمت إلى  قناة “سكاي نيوز عربية” في أبوظبي عام 2020، لتقدم برنامجاً حوارياً شبيهاً بكل برامجها السابقة باسم “مع جيزال”. كما كتبت وأنتجت أفلاماً وثائقية عن العديد من الشخصيات السياسية العربية، وأسست شركة “راوي” للإنتاج الوثائقي إلى جانب الصحافية والسفيرة سحر بعاصيري.

اغتيال زوجها: الترّمل والتحول

تزوجت جيزيل في سن العشرين من الطبيب إيلي خوري، وأنجبت منه ابنها مروان وابنتها رنا، قبل أن تنفصل عنه ثم  تزوّجت الكاتب والباحث والأستاذ الجامعي الفلسطيني الأصل (سمير قصير)، الذي كان من أبرز معارضي التدخل السوري في لبنان، والدولة المتوحشة في سورية، والذي اشتهر بمقولة: “لن يتحرر لبنان ما لم تتحرر سورية” لكن اغتياله في الثاني من حزيران/ يونيو 2005 والذي وجهت فيه أصابع الاتهام لميليشيا حزب الله والنظام السوري، شكل حدثاً حول مجرى حياتها.

ورثت جيزيل خوري موقف زوجها المعارض للنظام السوري وأدوات إيران بلا مساومة، وآمنت بالحريات عميقاً، ما دفعها وقبيل مرور عام على استشهاد زوجها إلى  تأسيس مؤسسة “سمير قصير”  في شباط/ فبراير عام 2006 ثم مركز “سكايز للحرية الإعلامية والثقافية” الذي كرس نشاطاته للدفاع عن الحريات الإعلامية.

وسام الفنون والآداب

حازت جيزيل خوري على وسام الفنون والآداب الفرنسي من رتبة ضابط ووسام جوقة الشرف الفرنسية من رتبة فارس.. واعتبرت واحدة من وجوه الإعلام اللبناني المناوئ للمحور الإيراني في لبنان، وقد اتخذت موقفاً مؤيدا للثورة السورية، وعبرت عن إيمانها بها مراراً. لكنها رحلت قبل أن تشهد سقوط النظام الذي كان جزءاً من منظومة أمنية وسياسية لاحقت الحريات في المنطقة، واغتالت العديد من الشخصيات الفكرية والوطنية البارزة فيها.

كانت جيزيل خوري نموذجا للإعلامية التي حاولت توظيف ثقافتها وعلاقاتها في خدمة مهنتها. مارست الإعلام باعتباره مهنة، تنسج من خلالها موقفها بهدوء وبلا استعراض. لم تكن مجددة في فن التقديم التلفزيوني، ولم تقدم إضافات تذكر لمدرسة السهل الممتنع التي تعتمد على ثقافة وحضور المحاور، ومستوى نجومية وأهمية الضيف، وما بينهما من مساحات تضيق وتتسع، للصراحة والمكاشفة، ومحاولة وضع النقاط على الحروف بكثير من الهدوء وقليل من الدبلوماسية 

زر الذهاب إلى الأعلى