من يتحمل وزر العبث بتماسك حراك السّويداء (1/ 3)
حازم العريضي* – العربي القديم
ليست لديّ أدوات بحثيّة علميّة لأنجز هذه المادة، ولكنّني أعوّل على إثارة الأسئلة الملحّة، وزادي مجموعة حقائق تبقى صحيحةً حتّى ينقضها أحدكم بتفسيرٍ منطقيٍّ يقنع النّاس.
ولكنّني استفدت من سهولة الاتّصالات من “المنفى” مع قطاعٍ واسعٍ من الرّفاق، منهم العتيق ومنهم المستجد في الدّاخل السوري، بالإضافة إلى غير الرفاق مع استفادتي من كوني في نظرهم “حيادي” بوصفي صحفيّاً و”بعيد عن العين” و”منافسات” السّياسيّين.
حرصاً على وقتك عزيزي القارئ سأخبرك هنا ما ستجده في آخر الأجزاء الثلاثة من هذا النص، فإن وافق اهتمامك نتشارك البحث في تفاصيله بطريقة “الخطف خلفاً” إن جاز التعبير.
النهاية:
قيادة مجموعة من المستقلين الثقاة للمرحلة الحالية من الحراك، لبضعة أشهر، قد تكون هي الأجدى للحفاظ على تماسكه ونجاحه في الصّمود إلى أن تأخذ “التجمّعات السياسية” فرصتها في التمايز بهويّات واقعية حقيقية وتقديم قيادة جديرة بتمثيل الحراك وربما حاضنه المحلّي وتحقيق امتداده الوطني.
حقائق قد تكون صادمة للبعض!
نحو أربعين (40) عائلة، منها عائلات كبيرة، في مدينة السويداء ومدن جبل العرب الكبرى غير منخرطة في الحراك.
هكذا تتقاطع أقوال أكثر من مصدر متابع على الأرض؛ ولكن قبل أن “تسيل” شهية أبواق النّظام لتبنّي هذه المقولة في سياق دعايتها الكاذبة، يجب أن تدقّق هذه الأبواق معنا في معلومات أخرى سنأتي عليها في متن هذه المادّة.
قبل المضي بعيداً، أيضاً يخردق النظام معظم منظّمات المجتمع المدني (برامج توعية أو جمعيات إنسانية والنقابات المهنية بطبيعة الحال وغير ذلك..).
معظم هذه “المؤسسات” معلّبة في جيب أسماء الأسد، ناهيك عن الفضاء السّياسي وما يُقال عن مصادرة الحياة السياسية، بل استباحتها على مدار عقود..
بالمقابل، قطاع لا يُستهان به من المجتمع الأهلي (مبادرات أهلية، العائلات، العشائر، القطاع الديني وعلى رأسه الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين، وبعض الزعامات التقليدية) يشكل بمجموعه رافعة انتفاضة السويداء، وقد بات يُشار إلى التجمعات المناطقية المنضوية تحت راية ساحة الكرامة بـ”نقاط الحراك”، مثل حراك القريّا، صلخد، بكّة، الكفر، ذيبين، مردك، سليم، شهبا، شقّا، الجنينة..وغيرها العشرات.
اللافت أن بعض نقاط الحراك تدير أمورَها مجموعاتٌ مدنيةٌ منتخبةٌ محليّة، تجدّد تفويضها كلّ ثلاثة أشهر أو غير ذلك.
وتنشط هذه المجموعات إضافة إلى التظاهر في إدارة مراكز خدمية (تعليمية تطوعية، ثقافية، مسائل الخدمات الأساسية كالإنارة بالطاقة الشمسية الممولة من “التكافل الأهلي” وحتى “منتديات” سياسية غالباً تُعقد في المضافات يغلب عليها التجريب وحوارات قد لا تكون منهجية منظّمة ولكنها بدايات لابد منها..)
وهنا لابد أنك تتذكر، عزيزي القارئ، أن المجتمع الأهلي بعفويته كان رافعة الثورة، خاصّة في بداياتها، وإن كان البعض يجادل بغير ذلك، وغالباً سيخضع تقييمك هذه النقطة لتجربتك الشخصيّة.
لهذا فقد تكون علاقة الانسجام بين الحراك وعموم المجتمع الأهلي بحلقاته الأصغر فالأكبر هي عقدة المنشار في تماسك الحراك، ولمَ لا نفكّر بالتّركيز على نقطة القوّة هذه؟
قد ينظّر علينا البعض، ونحن لا نتهجّم عليهم بوصف أفعالهم (الله وكيلكم)، وخاصة المثقّفين وروّاد الفلسفة والمؤدلجين منهم، سينظّرون علينا، أنا وأنت، بأن الطموح السليم يكون في الانتقال إلى تكوين مجتمعٍ مدني معافى يخرج على قيم المجتمع الأهلي، السلبية منها، مثل العائلية، القبلية، الطائفية، والمناطقيّة.. وما إلى ذلك من سمات ترتبط بها مفاهيم يعتبرونها تخلّفاً حين يحلّ الصلح العشائري محل القانون وربما التّسلح الفردي مكان حصر السلاح بيد “الدولة” وغير ذلك من قيم التوريث وغيرها صعوداً في الخطورة ونزولاً، وهنا نحن بالتأكيد لا ندعو إلى القيم السلبية منها.
وأذكّركم أعزّائي المثقفين، أنني وإن سردت بعض المعلومات لاحقاً والتحليلات المقتضبة فمعاذ الله أن أدّعي تقديم بحثٍ منهجيٍّ رصين، ولكم أن تتخيّلوا أن أصغر عائق هو غياب الاستبيانات العلميّة الدقيقة، مع أنني استرشدت ببعض ما قدمه إليّ أصدقاء يحاولون في ذلك على الأرض.
أمّا الجزء المقبل، فدعونا نستعرض نقاط قوّة المجتمع الأهلي بوصفه رافعة الحراك، مع أسئلة وتفاصيل قد تبدو للوهلة الأولى غير مرتبطة بالموضوع.
يتبع..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*حازم العريضي صحفي سوري عمل في دمشق بالصحافة الاستقصائية وبالإعلام المرئي والمسموع في لندن واسطنبول وعمّان.