عودة سوريا إلى الحضن العربي: من سقوط الأسد إلى دبلوماسية الشرع
رغم هذه التطورات الإيجابية، تواجه سوريا تحديات كبيرة في طريقها نحو الاستقرار

سامي زرقة – العربي القديم
شهدت سوريا في الأشهر الأخيرة تحولات جذرية أعادت تشكيل موقعها الإقليمي والدولي، بدأت بسقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، مروراً بصعود أحمد الشرع إلى سدة الحكم، وانتهاءً بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات الأمريكية عن دمشق.. هذه التطورات فتحت الباب أمام عودة سوريا إلى الحضن العربي، ليس فقط كرمز سياسي، بل كخطوة نحو إعادة بناء الدولة واستعادة دورها في المنطقة.
من الجهاد إلى الدولة: التحول السياسي بقيادة أحمد الشرع
أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم “أبو محمد الجولاني”، كان شخصية بارزة في الحركات الجهادية خلال الحرب السورية.. لكن بعد سقوط الأسد، برز الشرع كزعيم انتقالي، معلناً تخليه عن الخطاب الجهادي وتبنيه لنهج وطني جامع.. في خطاباته، أكد على وحدة سوريا وسيادتها، ودعا إلى بناء دولة مدنية تشمل جميع مكونات الشعب السوري.
جولة دبلوماسية لإعادة التموضع الإقليمي
منذ توليه الرئاسة، قام الشرع بجولات دبلوماسية شملت دولاً عربية وغربية، منها السعودية، الإمارات، قطر، مصر، البحرين، تركيا، وفرنسا.. في 14 مايو 2025، التقى بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض، في أول لقاء بين زعيمي البلدين منذ 25 عاماً.. هذا اللقاء كان تتويجاً لجهود الشرع في إعادة سوريا إلى الساحة الدولية.
رفع العقوبات الأمريكية.. تحول في السياسة الدولية
في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس ترامب خلال منتدى استثماري في الرياض عن رفع جميع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، معتبراً أن “الوقت قد حان لمنح سوريا فرصة جديدة”.. هذا القرار أثار دهشة بعض المسؤولين الأمريكيين، لكنه قوبل بترحيب واسع في سوريا، حيث شهدت مدنها احتفالات شعبية بهذه الخطوة.
دعم اقتصادي عربي.. بداية لإعادة الإعمار
بالتوازي مع رفع العقوبات، أعلنت السعودية وقطر عن سداد ديون سوريا المستحقة للبنك الدولي، ما مهد الطريق لاستئناف المشاريع التنموية في البلاد.. كما بدأت قطر بتزويد سوريا بالغاز الطبيعي عبر الأردن، في محاولة للتخفيف من أزمة الطاقة التي تعاني منها البلاد.
تحديات المرحلة المقبلة
رغم هذه التطورات الإيجابية، تواجه سوريا تحديات كبيرة في طريقها نحو الاستقرار، منها:
إعادة بناء البنية التحتية: الدمار الواسع الذي خلفته الحرب يتطلب جهوداً ضخمة وموارد مالية كبيرة.
تحقيق المصالحة الوطنية: توحيد الصفوف بين مختلف الفصائل والمكونات السورية يعد أمراً بالغ الأهمية.
التوازن في العلاقات الدولية: الحفاظ على علاقات متوازنة مع القوى الإقليمية والدولية دون الانحياز لطرف على حساب آخر.ختاماً.. تمثل عودة سوريا إلى الحضن العربي فرصة تاريخية لإعادة بناء الدولة وتعزيز الاستقرار في المنطقة.. لكن نجاح هذه العودة يعتمد على قدرة القيادة السورية على تنفيذ إصلاحات حقيقية، وتحقيق تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة والتنمية