سبعة أسئلة حول ظاهرة المنظمات الإغاثية: الفقراء يزدادون فقراً وجامعو التبرعات يزدادون ثراء!
بقلم: المحامي إبراهيم الصالح *
إحدى إفرازات الثورة السورية وما ترتب عنها من تهجير ونزوح وفقر، برزت ظاهرة المنظمات الإنسانية والإغاثية كما في كل الكوارث الطبيعية والحروب.عمل مثل هذه المنظمات في جوهره كان ينصب على الوقوف إلى جانب المعوزين الذين أفقدتهم تلك الظروف مقومات الحياة الأساسية.
وفي سورية ومنذ 13سنة ظهرت المنظمات والفرق (الإغاثية والإنسانية) وبطريقة سرطانية ووصل العدد إلى أرقام مبالغ فيها، وبتسميات مختلفة وبمرجعيات متنوعة وشعارات براقة. لكن المهم في هذا الجانب علينا مناقشة هذه الظاهرة بطريقة علمية وأكاديمية لنحاول أن نجيب على التساؤلات التالية:
- هل تحسن وضع المواطن السوري (المستهدف بالمساعدة) من عمل ونشاط هذه المنظمات؟
المراقب لمستوى معيشى المواطن السوري في المخيمات ونقاط التهجير يلاحظ بكل بساطة بأن وضع المواطن السوري يزداد من سيء إلى أسوأ، حيث ان معدل حصول الفرد على الحد الأدنى من التغذية والرعاية الصحية ينخفض بشكل متواتر. إذا لم تترك تلك المنظمات أي أثر إيجابي لتحسين مستوى معيشة الفئات المستهدفة.
بالمقابل نجد أن حالة الثراء الظاهرة لدى غالبية موظفي المنظمات. وقد أصبحت حديث الشارع ولم تعد تخفى على أحد فتجدهم يرتادون أفخم المطاعم والكثير منهم أصبح يمتلك عقارات في تركيا أو في الداخل السوري، وافتتح مشاريعه الخاصة دون أي خوف أو وجل، لأنهم واثقون بأنه لا يوجد جهة قادرة على محاسبتهم وتطبيق مبدأ (من أين لك هذا ؟)
2. هل تمتلك تلك المنظمات آلية عمل ودراسة وتخطيط صحيح؟
أبداً. بدليل أنها وبغالبية مشاريعها لم تعتمد على مشاريع لخلق القيمة المضافة أو تأسيس مشاريع تؤدي أن تستغني الطبقات الفقيرة عن استجداء الدعم الدائم، وكثيراً ما كنا نلاحظ تكرار ذات المشروع الفاشل وصرف ذات المبالغ وهكذا دواليك مثال (كان يتم تجهيز المخيمات بطريقة مقصود منها استمرار الحاجة للاستبدال وليس من أجل ديمومة الحل، كأن يتم وضع المخيمات في مسيل الأدوية والفيضانات بحيث مع قدوم الشتاء كانت تغرق بمياه الأمطار ويعاني سكانها صعوبات كبيرة… وكذلك كان يتم إختيار المواد التي لا تستطيع الصمود أكثر من موسم واحد، مع الإشارة إلى أن ذات المبالغ كانت كافية لتجهيز مشاريع إسكان بموقع بعيد عن تأثيرات الامطار السلبية كموقع مرتفع او أرض صلبة وإستبدال الخيم بغرف جاهزة (كرفانات) التي قيمتها لا تزيد عن ما يتم صرفه –نظرياً- للخيم المهترئة والنوعية الرديئة.
3. هل تصرف مبالغ كبيرة على مشاريع وهمية وبعيدة عن الواقع؟
لقد صرف الكثير من هذا… مثال عقد كثير من ورشات التدريب والدعم النفسي وما شابه في المدن التركية ويكون الحضور فيها لأناس لاعلاقة لهم بالفئات المستهدفة، وما يستتبع ذلك من صرف بدلات الحضور وإيجار لصالات الفندق والطعام والشراب ورواتب للمدربين والنتيجة ماذا؟ لا شيء… سوى البروظة الإعلامية
4. هل يلعب الولاء السياسي دورا في هذا؟
تعتمد كثير من المنظمات على شراء الولاء السياسي بحيث تدعم جهات دولية أو إقليمية منظمات محددة لحشد جمهور من المؤمنين بأفكارها وخلق حالة من الشللية يتبعها توزيع المنافع تحت بند الدعم الإنساني
5. هل تخضع هذه المنظمات إلى رقابة مؤسسات رسمية سورية تمثل مصلحة الشعب السوري؟
أبداً. تلك المنظمات التي تدعي الشفافية لا تراعي إلا نظام المحاسبة في الدول التي تعمل بها (أي تدقيق الفواتير فقط) وهذا لا يدل على الشفافية والمصداقية، فالجميع يعلم طريقة التعاقد وطريقة شراء المواد الفاسدة وعدم التقيد بالمواصفات أو معايير التوظيف، بل أكثر من ذلك نجد أن الفساد في المنظمات هو أصبح متشابك مع فساد مؤسسات تدعي تمثيل السوريين فكثيراً ما تجد عضو إئتلاف يقبض من هذه المنظمة أو تلك، او وزير في حكومة مؤقتة يتم صرف مبالغ له مقابل ندوات شكلية، أو زوجة قاضي هنا أو ضابط هناك يتم (تنفيعها) بوظيفة شكلية الغاية منها تخصيص مبلغ مالي يحقق تبادل الحماية والمصلحة بين تلك الجهات والمنظمات.
6. وماذا عن منظمات الرقابة والتقييم؟
لقد لاحظنا ظهور منظمات متخصصة بالمراقبة والتقييم (أي التفتيش وإعطاء تقارير) للداعم عن سير عمل المنظمة، فأصبحت هذه المنظمات أيضاً عبئاً إضافي على أموال الدعم… بحيث أصبح دورها تقاسم أموال الفساد مع المنظمات المتعاقد معها، وتزويدها بتقارير غير حقيقية للتستر على السرقات والفساد في تنفيذ المشاريع… وهكذا تتقلص باستمرار شريحة الأموال التي تذهب لمستحقيها من المنكوبين.
7. وماذا عن شبهات غسيل الأموال؟
في الفترة الأخيرة ظهرت طريقة جديدة لعمل المنظمات الإغاثية، بعد أن قامت الولايات المتحدة بالتشديد على موضوع دعم الإرهاب وتجفيف منابعه… إذ تقوم هذه الطريقة على غسل الأموال من المصادر المشبوهة وغير المشروعة، ثم يتم تسوية سرية (برّانية) بين الداعم مالك المال المراد تبييضه وبين القائمين على المنظمات الإغاثية.
مقترحات أخيرة
ليس من السهولة القضاء على كل هذه الأمراض والانحرافات التي باتت تتبع آليات معقدة… لكن حتى تخرج هذه المنظمات من دائرة الفساد والشبهات التي تعتريها يجب إخضاعها لمراقبة مؤسسات ثورية ووطنية حقيقية في الداخل السوري حصراً، وفق نظام محاسبة وإشراف كامل ومنعها من تنفيذ أي مشاريع إلا بترخيص ذات الجهة… وفي حال أي مخالفة يتم محاسبة المنظمة والعاملين فيها امام قضاء حقيقي نزيه وإيقاع الحجز على أموالهم وتطبيق العقوبات المنصوص عنها في القانون المتعلقة بإختلاس المال العام.
____________________________________
* محام سوري، دبلوم في القانون الجنائي